تنقّب شرائط ڤيديو أكرم زعتري وأفلامه ومطبوعاته ومنشوراته الفوتوغرافية في البيئات الطبيعية الماضية، ويعيد تنظيم المكتشفات في سردياته الحالية. يتخذ عمله «الهبوط» (٢٠١٩)، من منطقة الغريفة الشعبية نقطة انطلاق له، وهو مشروع إسكان عام بني لأبناء قبيلة الكتبي في المدام بالشارقة في مطلع الثمانينيات. في العام ١٩٩٤، انتقلت الأسر إلى مساكن جديدة في المنطقة المجاورة، مخلفة وراءها بيوتها القديمة التي غمرتها الرمال المتحركة ببطء. تبدو شعبية الغريفة اليوم أنقاضاً.

في الفيلم، يجد ثلاثة رجال أنفسهم عالقين في الصحراء. يتخذ اكتشافهم للموقع شكل استكشاف صوتي للمكان. الكابلات، وأنابيب الصرف الصحي، والمجارف، وأدوات المطبخ، ومراوح النفخ الكهربائية وصولاً إلى مروحية تهبط في موقع تصوير فيلم زعتري، تلعب كلّها دوراً في الفيلم نظراً لقدراتها الصوتية بدلاً من السردية، ما يخلق انكسارات ومواجهات وتحولات في سرد متقطع. 

فيلم لأكرم زعتري، تصوير: طلال خوري، مونتاج: ريتا منذر، بمشاركة: شريف الصحناوي وعلي حوت وعبد قبيسي، تصميم شريط الصوت: ڤيكتور بريس، بتكليف من بينالي الشارقة ١٤

أكرم زعتري (م. ١٩٦٦، صيدا) فنان له أكثر من خمسين شريط ڤيديو، تسلك كلها عدداً من المسارات والموضوعات والممارسات المتّصلة بالتنقيب، والمقاومة السياسية، وحياة المناضلين السابقين، وإرث اليسار المنهك، والحميمية بين الرجال، وتداول الصور في أوقات الحرب، والتلاعب بالزمن، الكامن في مكاتبات فُقدت أو عُثر عليها أو طُمرت أو اكتُشفت أو تأخرت في الوصول إلى وجهتها. لعب دوراً محورياً في تطوير البنية المؤسساتية والشكلية والفكرية للمشهد الفني المعاصر في بيروت. أسهم زعتري إسهاماً قيّماً في الخطاب العام المتعلّق بجهود الحفظ والأرشفة، باعتباره واحداً من مؤسسي المؤسسة العربية للصورة. مثّل لبنان في بينالي البندقية (٢٠١٣) بفيلمه «رسالة إلى طيار رافض»، كما شارك في دوكومنتا ١٣ (٢٠١٢). 

تأتي هذه الفاعلية في سياق أشغال داخلية 8: منتدى عن الممارسات الثقافية.


الصورة باذن من الفنّان.