الافتتاح: الخميس، 17 تشرين الأول 2019 -  7:00 مساءً - اشكال الوان

من 17 تشرين الاول - 30 تشرين الثاني 2019


بخّر العمل، وصُرف الشغيلة لإكماله من بيوت ينتظرهم فيها وهج الشاشات الأزرق وسنا القمر، وأمسى المكتب أرضاً قفراً. مر زمن، ثم عاد بعضهم إلى وحدات المكتب الزجاجية التي كانت تفصل بين المرء وزميله، وتتحكم في نمو العشب البري. وجدوا الأراضي الزراعية المجاورة قد أضحت اليوم غابات إسمنتية.  

شرعوا في التخطيط لانتشال غدٍ أضحى في عداد الماضي. فتّشوا بين آثار الماضي الغابر والحشرات القادرة على البقاء، عن سر علل اليوم، عسى أن يفككوا ألم ظهورهم التليد، أو أن يمحوا عقوداً من وضعيات المكاتب الرديئة. ابتكروا طقوس أضاحي لاستسقاء المطر ولطلب المال والخصوبة، ونصبوا طلاسم وفزاعات لدرء البلاء والوباء. وباتوا يجتمعون حول برادات المياه، إذ طالما تخالط الناس وتعارفوا على ضفاف المياه العذبة. 

من مقرّات بلا نوافذ مثل ملاهي المقامرة، مثل أيكيا، مثل أبراج المراقبة، استنفرت القوى نفسها ضدهم، ووحدت زمن كل شيء. من الفضاء الخارجي إلى أسطح المكاتب، من الأصول السامّة إلى ساحات التداول، تتلاشى الحدود الفاصلة ما بين الزمن الكمي والزمن المعاش. وهكذا، ناهضوا باستنفار الليل: سائقي تاكسي مسائيين وبائعي طرقات ومنظفين تعساء. وضعوا أوامر للآلات خاصة بهم، استعملوا أشرطة ضوئية وموجات الكترونية للتواصل، وخردة من سوق أسفل الجسر. 


نحن أحفورات من طاقة، هكذا قالوا. نحن مادة تفكّر وتشعر وتسيل. إن حبسوا حركتنا، فلن يحبسوا سرياننا. 

بتكليف من أشكال ألوان في سياق «أشغال داخلية ٨»

هايغ أيڤازيان
فنان مقيم في بيروت، يستعين بمختلف الوسائط بغية الغوص في الأنماط التي تسلكها السلطة بغية السيطرة على الناس والأجسام والعمارة، وكذا التأثير عليها وتحريكها. ينطلق في الكثير من أعماله من وقائع معروفة ممزوجة بسرديات أقل رواجاً، يستقرئ من خلالها آليات التسلّط والتسيّد التي تؤتي مفعولها في عوالم الرياضة والمال والمتاحف والموسيقى. 

جمانة منّاع فنانة بصرية تشتغل أساساً في الفيلم والنحت. تستكشف في أعمالها الصيغ التي تتخذها السلطة في العلاقات، ولا سيما في علاقة الجسد والمادة بسرديات القومية وتواريخ المكان. تعيش في برلين. 

تأتي هذه الفاعلية في سياق أشغال داخلية 8: منتدى عن الممارسات الثقافية.